تونس- أفريكان مانجر
أفاد شهود عيان في مدينة الرديف الغنية بمادة الفوسفات، أن المواجهات بين البوليس ومحتجين اندلعت من جديد ظهر اليوم الثلاثاء رغم محاولات رجال الأمن لتفريق المتظاهرين منذ يوم أمس.
ووفق ذات المصدر تزداد “المواجهات حدة بدخول قوات بوليس جديدة وخروج عدد كبير من الشباب للمواجهة”.
وتزامن هذه الوضع المشحون مع إحياء أهالي هذه المدينة ذكرى أحداث الرديف 2008، والتي تعتبر المفجر الحقيقي للثورة التونسية بعد عامين من اندلاع أحداثها.
وحسب الناشط النقابي بشير العبيدي وفي مداخلة له على راديو “شمس” أمس فإن هذه المواجهات سببها عملية نقل “الفوسفات” التي وصفها بـ”المشبوهة”.
واحتج هذا الأخير على قرار “شركة فسفاط قفصة” تكليف شركة مناولة خاصة لنقل الفوسفات عبر الشاحنات بدل من نقله عبر السكك الحديدية، وما اعتبره فسادا ومحسوبية حيث كشف أن الاعتماد على شركة مناولة لنقل الفوسفات كبّد الشركة نحو 80 مليون دينار، موضحا أن تكلفة نقل نحو 4 ملايين طن من الفوسفات عبر الناقل البري تبلغ 102.800 مليون دينار بينما لا تتجاوز 22.800 مليون دينار عبر السكة الحديدية.
في المقابل، واجه نقل الفوسفات عبر السكك الحديدية سابقا تعطيلا بسبب الاضرابات وقطع الطريق أمام النقل الحديدي بهذه الجهة وما كبد خسائر كبيرة للشركة والى حد تسجيلها لعجز مالي.
إلا أن الناشط النقابي أكد أن “شركات نقل الفوسفات برا تقدم رشاوى للشباب وبتواطؤ من إطارات سامية في فسفاط قفصة من أجل تعطيل حركة نقل الفسفاط عبر السكك الحديدية”، وهي اتهامات خطيرة ما لم يتم التحري فيها قضائيا فيما يصعب اثباتها لتعقد مثل التهم وتشابك ملفاتها.
عدنان الحاجي يرد
وفي أول رد فعل رسمي له، انتقد اليوم الناشط النقابي “الشرس” عدنان الحاجي والنائب حاليا بمجلس نواب الشعب عن ولاية قفصة، ما وصفه بالتدخل العنيف لقوات الأمن ضد أبناء الجهة، قائلا مشهد 5 جانفي 2008 بالرديف يتكرّر.
وأضاف الحاجي في تصريح إذاعي أن قمع الأهالي المفرط أدى إلى حرق مركز الأمن بالرديف، موضحا أن المحتجين يرفضون نقل الفسفاط من قبل شركة مناولة اعتبرها شركة وهمية يشرف عليها مسؤولون بشركة فسفاط قفصة ويستغلون موارد الشركة.
وقال عدنان الحاجي إن الحل يكمن في ضرورة تغليب الحوار وبالاتفاقات الجدية، مضيفا “نحن على أتم الاستعداد وسنواجه القوة بالقوة”. ، في مؤشر على احتمال تفجر الوضع في الرديف.
تشكيك
في المقابل، يشكك مراقبون نشطاء في ملابسات حرق مركز الأمن أمس، مسترجعين حادثة مماثلة لحرق مركز الأمن يوم 6 أفريل 2008 التي تبين لاحقا انها كانت مدبرة من النظام السابق لاعتقال ما يعبر عنهم الآن “مناضلين” بعد أن كان متهمين بالشغب والاجرام زمن النظام السابق.
وكانت تقارير إخبارية أشارت اليوم إلى أن عددا من الشبان أقدموا على حرق مقر أمني بمدينة الرديف ليلة البارحة الاثنين، احتجاجا على تولي صاحب شركة نقل خاصة عملية نقل الفوسفات، نظرا لإضراب أعوان شركة نقل المواد المنجمية التي كانت تتولی نقله من مراكز الانتاج بالحوض المنجمي نحو المعامل الكيميائية بصفاقس وقابس.
كما اندلعت مظاهرات موازية لشباب من الجهة معطل عن العمل، احتجاجا على عدم انتدابهم بشركة فسفاط قفصة، وقد لجأت قوات الأمن إلى استخدام الغاز المسيل للدموع بعد تعمّد محتجين منع شاحنات نقل الفوسفات من المرور.
وتبقى مدينة الرديف من أكثر المناطق الداخلية احتقانا في تونس على مر التاريخ لارتباطها اقتصاديا واجتماعيا بنشاط المناجم واستخراج الفوسفات، إلا أنه ورغم ثراءها بهذه المادة الطبيعية فإنها بقيت من أفقر الجهات في تونس رغم اسهامها بنحو 12% من عائدات التصدير في تونس سنويا! كما تحتكر هذه الجهة أعلى معدلات البطالة (أكثر من 20%) والفقر (أكثر من 15%) بسبب تهميشها.
ويلاحظ أن هذه المنطقة بقيت ورقة ضغط سياسي أكثر منه حراك لتحقيق رخاء اجتماعي على أرض الواقع، يتطلع إليه أهالي هذه المدينة منذ عقود بالنظر إلى ثرواتها الطبيعية التي تساهم بأكثر من 5% في الناتج المحلي الاجمالي لتونس.
ويبقى التساؤل الرئيس هو: من وراء هذا الضغط السياسي هذه المرة خاصة وأنه تزامن مع تحركات حكومية استثني منها أطراف دون غيرها.
عائشة بن محمود